ذات مرة في عام 2019 حدثت كارثة في مهرجان لوف باراد في دويسبورغ في ألمانيا، حيث توفي 21 شخصًا وأصيب أكثر من 500 شخص بسبب التدافع والاختناق في نفق ضيق كان المدخل الوحيد للمهرجان. هذه الحادثة كانت واحدة من أسوأ الحوادث التي شهدتها المهرجانات الموسيقية في التاريخ. التي قد أثارت تساؤلات عن إهمال منظمي المهرجان وعن عدم كفاءة إدارة الحشود في هذا الحدث الضخم.

ومن هنا تظهر أهمية إدارة الحشود في الفعاليات، ففي حالة إهمالها، يمكن أن تنجم عن ذلك تبعات وخيمة مثل التدافع والاختناقات وحوادث الإصابة وحتى الموت. لذا يجب أن يكون للإدارة الجيدة للحشود أهمية قصوى في تنظيم الفعاليات وضمان سلامة الحاضرين.لهذا السبب سوف نخوض اليوم في استعراض تعريفها وأهميتها لنجاح فعاليتك وتحقيق جميع أهدافها بشكل آمن وفعال.

ما هي إدارة الحشود؟

هي عملية حيوية وحساسة لتنظيم تدفق الأشخاص في المؤتمرات والمعارض وكذلك المهرجانات. تتضمن تخطيطًا محكمًا وعمل خطة إدارية لإدارة الزوار وتدفق الحشود بأمان وفعالية. كما تهدف إلى تقليل الازدحام والتجمعات غير المرغوب فيها، وتحقيق حركة سلسة ومنظمة للجمهور داخل الفعالية، ويتطلب هذا الجانب الحيوي دراسة مستمرة للجمهور ومراقبة سلوكياتهم، وتوجيههم للحركة الصحيحة والآمنة داخل الفعالية.

مع تزايد الفعاليات، يزداد الحاجة إلى هذه الإدارة الفعالة والمحكمة التي تضمن سلامة الجميع وتحقيق الهدف المطلوب في الفعالية. لذلك، يتم تطوير وتحسين أساليب إدارة الحشود باستمرار والاستفادة من التقنيات الحديثة لتحقيق أفضل النتائج في مجال تخطيط وادارة المعارض وغيرها من الفعاليات.

أهمية إدارة الحشود في الفعاليات

مثلما ذكرنا من قبل إنها تشكل العنصر الحاسم لنجاح أي فعالية، لذا يتعين على منظمي الفعاليات أن يكونوا مدركين لأهمية إدارة الحشود بشكل جيد. وإليك سبب ذلك:

أمن وأمان وسلامة الحاضرين

أحد أهم الفوائد التي توفرها هو ضمان أمان وسلامة الحاضرين. بفضل التخطيط الجيد والترتيب السليم، يمكن تجنب حوادث التزاحم والهلع الذي قد تحدث في الفعاليات الضخمة عندما يحاول الناس المغادرة في نفس الوقت. كما يتم تحديد مخارج الطوارئ ووضع خطط إخلاء للتعامل مع أي طارئ محتمل، بما في ذلك حالات الإصابات أو الكوارث الطبيعية.

تنظيم الحركة والتدفق

تسهم في تنظيم وترتيب الفعاليات بطريقة تناسب عدد واهتمامات الحضور. حيث يتم توزيع المساحات والموارد والخدمات بشكل عادل وكفؤ وفعال لضمان تجربة مميزة للجميع. كما يتضمن هذا توزيع المنصات والكراسي والأجهزة الصوتية والإضاءة بطريقة تسهل عرض الفعالية بشكل مثالي.

الحفاظ على الحضور

تساعد على جذب وإبقاء وزيادة عدد الحضور في الفعالية. بواسطة خلق تجربة ممتعة ومرضية للحضور بواسطة توفير وسائل الراحة والتسهيلات اللازمة، مثل الحمامات والمناطق المظللة والمرافق الترفيهية الإضافية، لتلبية احتياجات الحضور وجعلهم يشعرون بالراحة والاستمتاع.

تعزيز الأنشطة المختلفة

فهي تعزز أيضًا دعم وتطوير وتنويع الأنشطة المقدمة في الفعالية، حيث يتم تنظيم مجموعة متنوعة من الأنشطة، سواء كانت ثقافية أو رياضية أو ترفيهية أو تجارية أو اجتماعية، لتلبية اهتمامات الحضور المختلفة. يتم التنسيق بين هذه الأنشطة بطريقة تتوافق مع قيم ومصالح الحضور وتظهر ثقافتهم المتنوعة.

تجنب الإصابات والحوادث

دور إدارة الحشود يتجاوز تنظيم الحاضرين وإدارة سير الفعاليات، حيث تلعب دورًا حيويًا في تحليل وتقييم ومراقبة المخاطر التي قد تواجه الفعالية والحضور والمنظمين والمشاركين والمجتمع بشكل عام. يتم تحديد هذه المخاطر المحتملة ووضع خطط واستراتيجيات للتعامل معها بشكل وقائي أو استجابي. زيادة على ذلك يتم اعتماد سياسات وإرشادات للتعامل مع الحوادث المحتملة والتهديدات الأمنية، مما يساعد على تقليل المخاطر والحفاظ على سلامة الجميع.

اقرأ ايضا: الدليل الشامل للفعاليات الافتراضية: أنواعها وخطوات تخطيطها

أهمية تخصيص فريق عمل ماهر

فريق عمل متخصص في إدارة الحشود هو عنصر حاسم في إنجاح أي فعالية أو معرض. حيث يعمل هذا الفريق على تنظيم وتنسيق الفعالية بشكل يضمن سلامة وأمان الحاضرين، ويستجيب لاحتياجاتهم وتوقعاتهم فيمَا يتعلق بالفعالية.

كما يساعد في تحسين وتعزيز الأنشطة المختلفة في الحدث وجعلها تناسب اهتمامات وقيم الحضور. ولضمان سلامة الجميع، يعمل هذا الفريق على تحليل وتقييم المخاطر المحتملة وتطوير استراتيجيات للتعامل معها.

لتشكيل فريق عمل متكامل يجب تحديد المهام الأساسية لأعضاء الفريق، وتوزيع المسؤوليات بينهم على الوجه المناسب. لذا من المهم أن تتعرف على الأدوار الأساسية التي توفر تجربة مرضية وآمنة للحضور في الفعالية.

• المنظم: هو المسؤول عن التخطيط والتنفيذ والتقييم العام للفعالية. يقوم بتحديد الأهداف والميزانية والجدول الزمني والشركاء والمستفيدين للفعالية. كما يعين المسؤوليات والصلاحيات والأدوار لأعضاء فريق العمل، مما يضمن أن الجميع يعمل لتحقيق نفس الغايات والأهداف.
• المسؤول عن الإدارة: هو المسؤول عن تصميم وترتيب وتنسيق جميع جوانب إدارة الحشود في الفعالية. يقوم بتحليل وتقييم ومراقبة المخاطر المتعلقة بالحشود. وكذلك يضع خططًا واستراتيجيات وسياسات لإدارة الحشود بشكل فعال.

أفراد الدعم هم الأشخاص الذين يقومون بتنفيذ مهام محددة ضمن إطار إدارة الحشود. يتضمن ذلك:

• فريق الأمن: يتولوا حفظ الأمن والنظام وضمان سلامة الحضور في الفعالية. يشمل أفرادًا من الشرطة أو الجيش أو شركات الأمن الخاصة.
• فريق الإسعافات الأولية: يقدموا المساعدة الطبية للحضور في حالة حدوث إصابات أو مرض. يشمل أفرادًا من الهلال الأحمر أو شركات الرعاية الطبية الخاصة.
• فريق الإخلاء والإنقاذ: يقوموا بعمليات الإخلاء والإنقاذ للحضور في حالات الطوارئ. والذي يشمل أفرادًا من الدفاع المدني أو شركات الإنقاذ الخاصة.
• فريق الاستقبال والإرشاد: هم الأفراد الذين يوجهون وإرشاد الحضور وتوفير المعلومات وتسهيل دخول وخروج وتنقل الحضور في الفعالية. كما يشمل أفرادًا من المتطوعين أو شركات الاستقبال والإرشاد.
• فريق التنظيم والتنسيق: هم الأفراد الذين يقومون بتنظيم وتنسيق جميع العناصر والموارد والخدمات المتعلقة بالفعالية. ويشمل أفرادًا من المنظمين أو شركات التنظيم والتنسيق.

بعض المعتقدات الخاطئة عن إدارة الحشود في الفعاليات

على الرغم من أهميتها في الفعاليات، إلا أن هناك بعض المفاهيم الخاطئة التي قد تعوق أو تضر بإدارة الحشود، ومن بين هذه المفاهيم الخاطئة:

إدارة الحشود هي مسؤولية الأمن فقط:

هذا اعتقاد خاطئ، فتنظيم الفعاليات هو عملية شاملة وحساسة، يتطلب تخطيطًا محكمًا وجهودًا كبيرة لضمان تجربة ناجحة ورضا الحضور. ولتحقيق هذا الهدف يحتاج فريق العمل إلى تعاون وتنسيق بين جميع أعضائه، مثل فريق التخطيط والتنظيم والتفاعل والتطوير. فضلاً على ذلك، يتطلب التنظيم إلى تحليل المخاطر المحتملة وتطوير استراتيجيات للتعامل معها لضمان سلامة وأمان الحضور والعاملين في الفعالية.

إدارة الحشود هي مجرد تطبيق قوانين وقواعد:

هذا ليس صحيح، حيث يتطلب التنظيم مرونة وإبداع لتكيف الخطط والإجراءات مع ظروف مختلفة وحالات غير متوقعة. لذا يتوجب على فريق العمل فهم واحترام وتلبية احتياجات ورغبات وثقافات الحضور، وليس فقط فرض قوانين وقواعد.

إدارة الحشود هي عبء مالي أو زائد على المنظم:

هذا مفهوم خاطئ، حيث تعتبر استثمارًا هامًا وضروريًا لضمان نجاح الفعالية. فهي تساعد كذلك في توفير الموارد والخدمات بكفاءة وفاعلية، وتساعد أيضًا في زيادة العائد المالي للمنظم عن طريق جذب واحتفاظ وزيادة عدد الحضور.

لذا من الضروري تصحيح هذه المفاهيم الخاطئة والتأكيد على أن عملية التنظيم هذه ليست مسؤولية واحدة فقط أو عبء مالي، بل هي جزء أساسي وحيوي من تنظيم الفعاليات الناجحة وتحقيق تجربة إيجابية وآمنة للحضور.

نصائح هامة لإدارة الحشود في الفعاليات

هناك بعض النصائح الهامة التي يجب معرفتها لتحقيق النجاح في فعاليتك، وهما:

معرفة خصائص الجمهور:

أولاً وقبل كل شيء، ينبغي عليك معرفة نوعية الحضور وعددهم واهتماماتهم وثقافاتهم. يمكنك تحقيق ذلك من خلال البحث والاستقصاءات أو الدراسات المسبقة. من المفيد أيضًا مراجعة البيانات السابقة والتجارب المماثلة إذا كانت متاحة.

الحد من نقاط الدخول والخروج:

عليك تحديد عدد محدود من نقاط الدخول والخروج لفعاليتك، وتكون تحت إشراف أفراد مدربين ومؤهلين. هذا سيساعدك على السيطرة على حركة الحضور وعددهم، وقد تحتاج أيضًا إلى منع الحضور الجدد عندما تكون السعة ممتلئة.

تقييم المخاطر المحتملة:

من المهم أن تحدد وتقيم المخاطر التي قد تواجه فعاليتك أو حشودك، مثل التزاحم أو الذعر أو العنف أو الإرهاب أو الكوارث الطبيعية. كما يتوجب عليك تضع أيضًا خططًا واستراتيجيات وسياسات للتعامل مع هذه المخاطر بشكل استباقي أو استجابي.

وضع خطة شاملة:

يجب على المنظمين للفعالية إعداد خطة شاملة ومنسقة لإدارة الحشود. تتضمن هذه الخطة الهدف الرئيسي لإدارة الحشود والاستراتيجية المخططة لتحقيقه، بالإضافة إلى السياسات والإجراءات المتعلقة بالإدارة والتي تحدد المسؤوليات والصلاحيات لفريق عمل. زيادة على ذلك، يجب أن تتضمن الخطة إرشادات وتوجيهات للحضور حول السلوك الصحيح داخل الفعالية، وتوفير الدعم والإرشادات للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، وتعيين فريق عمل مدرب ومؤهل للتعامل مع أي حالة طارئة تحدث داخل الفعالية.

التواصل مع الحضور:

يجب عليك توفير معلومات هامة وواضحة للحضور في نقاط رئيسية في فعاليتك، مثل خرائط الموقع ومواقع الحمامات ونقاط بيع التذاكر وأماكن توفر المأكولات والمشروبات. يمكنك استخدام أدوات مثل اللافتات أو الشاشات أو الجدران المتحركة لعرض هذه المعلومات.

وضع خطة للطوارئ:

لضمان سلامة الحدث وحماية الحضور يجب عليك توقع المخاطر والتحديات التي قد تنشأ خلال الحدث وإعداد خطط الطوارئ. ويشمل ذلك اتخاذ إجراءات الاستجابة للطوارئ، وتوفير الدعم الطبي، وتطوير خطط الإخلاء، وتحديث بروتوكولات الاتصال. كما يجب مراجعة هذه الخطط وتحديثها بانتظام بناءً على الدروس المستفادة من الأحداث السابقة والتعليقات الواردة من الحضور.

اقرأ ايضا: تعرف على المؤتمرات الهجينة وكيفية تنظيمها بنجاح

وفي الختام وعقب ما تعرفنا على عالم تنظيم الحشود، وكيفية تمكن هذا النظام من تحقيق الأهداف المطلوبة والاستجابة لتوقعات الحاضرين، وضمان سلامتهم وتفادي المخاطر في الأحداث الحاشدة. إلا أن هذا الأمر ليس بالسهولة البالغة، بل يحتاج إلى تخطيط دقيق وتنسيق شامل بين فريق عمل مؤهل ومدرب، بالإضافة إلى تقييم مستمر للأداء، واعتماد إجراءات وسياسات فاعلة. وليتحقق في النهاية إمكانية تحويل أي فعالية إلى تجربة سارة وناجحة للجميع بكل يسر وسهولة.

إذا كنت ترغب في معرفة المزيد من التفاصيل حول تنظيم الفعاليات، سواء كان ذلك تنظيم المؤتمرات أو إدارة وتنظيم ورش العمل ، أو تنظيم المعارض والمهرجانات، يمكنك الاستمرار في متابعتنا لتتعرف على المزيد من المعلومات الهامة في هذا المجال.