غالبًا ما تعتقد المؤسسات الجديدة للفعاليات أن الحدث ينتهي عندما يغادر آخر ضيف، ويظنون أنهم قد نفذوا خطتهم بنجاح وأنه لا داعي لأي خطوات إضافية، ولكن الحقيقة هي أن الأمور تسير في الاتجاه المعاكس. فإدارة الفعاليات هي عملية معقدة ومتكاملة تتضمن عدة عوامل ومراحل، ومن بين هذه المراحل الهامة هي تقييم الفعاليات.

هذه الخطوة تعتبر نقطة حاسمة حيث تمنح للمنظمين الفرصة لتقديم تقارير وأدلة دقيقة للجهات المانحة، الشركاء والجمهور بشأن الأداء الشامل. بالإضافة إلى ذلك، فإن التقييم يساهم في معرفة عوامل نجاح الفعاليات وتعزيز الثقة والشفافية، وبناء علاقات قوية مع مختلف الجهات الفاعلة.

من منطلق أهمية التقييم في مختلف الفعاليات مثل المؤتمرات أو غيرها، سوف نستعرض في هذه المقالة مفهوم التقييم والمعايير المستخدمة فيه، بالإضافة إلى الأدوات التي نستخدمها لتنفيذ تقييم دقيق وفعَّال لكل حدث قادم نحن نديره أو ننظمه.

مفهوم تقييم الفعاليات؟

تقييم الفعالية هو عملية قياس وتقييم أداء للحدث بعد انتهائه. يهدف التقييم إلى تحديد مدى تحقيق الأهداف المرجوة وتقييم جودة التخطيط والتنفيذ والإدارة. كما يتضمن التقييم جمع وتحليل المعلومات والبيانات ذات الصلة للوصول إلى استنتاجات وتوصيات قابلة للتطبيق في المستقبل. 

أهمية تقييم الفعاليات:

يمثل التقييم السلاح القوي الذي يساهم في التحسين المستمر والابتكار في تنظيم وإدارة جميع أنواع الفعاليات سواءً تنظيم مؤتمرات أو إدارة ورش العمل أو تنظيم مهرجانات، كما يعد أداة أساسية لتوجيه المنظمين والمشاركين لاكتشاف مدى الاستجابة والتطلعات، وكذلك احتياجات الجمهور المستهدف لتكون النتيجة هي تحقيق الأهداف المرجوة.

فبدونه يبقى المنظمين في عتمة الجهل، ولا يعلموا إن كان المؤتمر قد نجح في تلبية تلك الأهداف أم لا، بالإضافة إلى ذلك فبفضله نستطيع تحقيق العديد من الفوائد المثمرة، فهو يساهم في:

• قياس مستوى الرضا عن جودة وفعالية المؤتمر من حيث المحتوى والبرامج والأساليب والخدمات، وذلك لضمان تلبية توقعات المشاركين وإرضائهم.
• قياس مستوى التأثير الذي تركه المؤتمر في تغيير سلوك المشاركين أو اتجاهاتهم أو أدائهم أو نتائجهم، مما يعزز قدرة المؤتمرات على تحفيز التحول الإيجابي.
• تقدير الفوائد التي استفاد منها المشاركون بالنسبة للتعلم والتواصل والإبداع، مما يساهم في تعزيز قيمة الحدث كمنصة للنمو الشخصي والمهني.
• استخلاص الدروس والتجارب من نقاط القوة والضعف في التنظيم والإدارة للفعالية، كما يساعد في تحديد المجالات التي يمكن تطويرها وتعزيزها في المستقبل.
• وضع خطط عمل واستراتيجيات للاستفادة من نقاط القوة والتغلب على نقاط الضعف في المؤتمرات القادمة، مما يسهم في تطويرها وتحسينها بشكل مستمر.
• تقديم تقارير وتوصيات للجهات المعنية بنتائج وأثر المؤتمر، والحصول على ردود فعل وتقييمات قيِّمة منها، ما يعزز التواصل والتفاعل البنَّاء ويعطي دافعًا للتحسين المستمر.
• تقديم الأفكار والتوجيهات التي يحتاجها المنظمون لفهم وجهات نظر وتوقعات المشاركين.
• يعمل كمفتاح لقياس عائد الاستثمار (ROI) للرعاة وأصحاب المصلحة الذين سخروا جهودهم ومواردهم لدعم هذا الحدث الاستثنائي.

آليات تقييم الفعالية الناجحة

لا يوجد مجموعة محددة من الآليات لتقييم نجاح المؤتمرات، فذلك يعتمد على طبيعة وغرض كل فعالية سواء كانت مؤتمر أو معرض أو مهرجان. ومع ذلك، يمكن تصنيف الآليات إلى ثلاث فئات رئيسية بشكل عام:

آليات كمية:

تعتمد على البيانات والأرقام التي يمكن قياسها ومقارنتها بسهولة، مثل عدد المشاركين ونسبة الحضور والغياب والانسحاب، وعدد الزوار والاعجابات والتعليقات على وسائل التواصل الاجتماعي، وكذلك عدد الشركاء والرعاة والإيرادات والنفقات وغيرها من المؤشرات الكمية.

آليات نوعية:

تعتمد على الآراء والانطباعات والتجارب التي يمكن تفسيرها بصورة موضوعية أو شخصية، مثل مستوى الرضا عن جودة وفعالية المؤتمر ومدى تأثيره في تغيير السلوك أو الاتجاه أو الأداء أو النتائج، ومدى الفائدة في التعلم والتواصل والإبداع، وغيرها من المؤشرات النوعية.

آليات مختلطة:

تعتمد على مزيج من البيانات الكمية والنوعية، مثل نسبة تحقيق الأهداف المحددة للمؤتمر، أو درجة التوافق بين توقعات وواقع المشاركين في المؤتمر، أو مدى التزام المشاركين بالإجراءات أو التوصيات الناتجة عن المؤتمر، وغيرها من المؤشرات المتنوعة.

معايير تقييم الفعاليات 

لتقييم الفعالية بشكل صحيح، يجب استخدام مجموعة من المعايير التي تغطي مختلف جوانب الفعالية. وفقًا لمنظمة اليونسكو، توجد ست معايير رئيسية للتقييم، سنقوم بشرحها باستفاضة وبشكل مفصل، وهي:

1. الإنجاز: هذا المعيار يركز على مدى تحقيق الفعالية للأهداف والنتائج المحددة مسبقًا. يتعلق الأمر بتقييم مدى قدرة الفعالية على تحقيق الغايات المرجوة وتفوق في تحقيق النتائج المحددة.
2. الكفاءة: يتعلق بمدى استخدام الفعالية للموارد المتاحة بشكل أمثل ومقبول. يتم تقييم كيفية استغلال الموارد المادية والبشرية والمالية بشكل فعال وفي إطار الميزانية المحددة للفعالية.
3. الفعالية: يتعلق هذا المعيار بتأثير الفعالية على المشاركين والمستفيدين والمجتمعات المستهدفة. يتم تقييم مدى تحقيق الفعالية للتأثير المطلوب وقدرتها على تلبية احتياجات المشاركين وإيجاد تغيير إيجابي في حياتهم.
4. الاستدامة: هذا المعيار يركز على استمرارية الفعالية ونتائجها بعد انتهائها. حيث يتم تقييم إمكانية استمرارية تأثير الفعالية وإدامة النتائج المحققة على المدى الطويل.
5. الملاءمة: الملاءمة هنا بمعنى نسبة تناسب الفعالية مع احتياجات وتوقعات وقيم المشاركين والمستفيدين. فنحن هنا نقوم بتقييم مدى ملائمة تصميم وتنفيذ الفعالية لتلبية احتياجات الفرق المستهدفة واحترام قيمهم وتوقعاتهم.
6. الابتكار: هذا المعيار يتعلق بقدرة الفعالية على إضافة قيمة جديدة أو مميزة أو فريدة في مجالها. يتم تقييم قدرة الفعالية على الابتكار والتميز وتقديم جوانب فريدة تميزها عن غيرها من الفعاليات في نفس المجال.

اقرأ ايضا عن: التسويق الإلكتروني للفعاليات

كيف تتم عملية تقييم الفعاليات؟

يتم إجراء عملية التقييم من خلال جمع البيانات والملاحظات من مصادر مختلفة، بما في ذلك الحضور والرعاة والمتحدثين والموظفين. تُستخدم أساليب متعددة لضمان حصولنا على وجهات نظر شاملة وتعليقات ثرية من المشاركين بعد انتهاء المؤتمر.

من ضمن هذه الأساليب هي استخدام الاستبيانات لجمع المعلومات وآراء المشاركين في شكل هيكلي ومنظم. فنقوم بطرح الأسئلة بعناية لاستكشاف مختلف الجوانب المتعلقة بالفعالية، مثل جودة المحتوى ومهارات المتحدثين وتنظيم الفعاليات. بالإضافة إلى ذلك، تُجرى المقابلات المباشرة مع عدد محدود من المشاركين المميزين للحصول على رؤى أعمق ومحادثات مفصلة حول تجربتهم وآرائهم. حتى تتم عملية التقييم بشكل صحيح وكامل يتم كذلك رصد وسائل التواصل الاجتماعي وتحليل البيانات المتعلقة بالمؤتمر، مثل التغريدات والمنشورات والتعليقات. قد ترى إنها خطوات كثيرة ولكن من خلال جمع هذه البيانات وتحليلها بشكل دقيق، سنتمكن من الحصول على نظرة شاملة حول جودة وفعالية المؤتمر، واستخلاص الدروس المستفادة والتوصيات للتحسين في المستقبل.

ما هي الأدوات المستخدمة في التقييم الفعاليات؟

هناك العديد من الأدوات التي يمكن استخدامها لتقييم الفعالية، وبالطبع هذه الأدوات تختلف حسب نوع وحجم وهدف كل حدث، ولكن بشكل عام تشمل هذه الأدوات كلًا من:

الاستبيانات والاستطلاعات:

تُعتبر الاستبيانات والاستطلاعات أدوات قيمة لجمع آراء المشاركين في الفعالية. حيث تسمح منصات الاستبيانات الإلكترونية مثل Google Forms وSurveyMonkey وTypeform للمنظمين بإنشاء استبيانات مخصصة تسأل عن رضا المشاركين وتجمع الاقتراحات وتقيم جوانب محددة من الفعالية.

المقابلات والجلسات الحوارية:

تعتبر المقابلات والجلسات الحوارية أدوات قوية للتفاعل المباشر مع المشاركين في الفعالية. إنها توفر فرصة لإجراء مناقشات عميقة والحصول على ملاحظات ذات طابع نوعي تساهم في تحسين الفعالية وفهم احتياجات المشاركين. عند إجراء المقابلات، يتم التفاعل مباشرة مع المشاركين بشكل فردي. يتم طرح الأسئلة واستماع إلى آراء المشاركين وتجاربهم بشكل شامل. هذا يسمح للمنظمين بفهم أعمق لتفاصيل التجربة والتحديات التي واجهها المشاركون. كما يمكن للمنظمين أن يحصلوا على اقتراحات وملاحظات قيمة تساهم في تطوير وتحسين الفعالية.

أدوات مراقبة وسائل التواصل الاجتماعي:

يعد حصد التعليقات والآراء عبر منصات التواصل الاجتماعي أمرًا حيويًا للمنظمين لفهم المشاعر المتعلقة بالفعالية وتحسين تجربة المشاركين. تتيح أدوات مراقبة وسائل التواصل الاجتماعي مثل Hootsuite وSprout Social وBrandwatch للمنظمين تحليل التعليقات والمشاركات والوسوم التي تتعلق بالفعالية على الإنترنت. من خلال هذه الأدوات، يمكن للمنظمين تتبع الإشارات والوسوم والتعليقات المتداولة على منصات التواصل الاجتماعي. يمكنهم مراقبة الحسابات ذات الصلة واستخلاص الآراء والملاحظات التي يشاركها المشاركون. بالاستفادة من هذه البيانات، يمكن للمنظمين قياس ردود الفعل لدى المشاركين وتحديد نقاط القوة والضعف في تجربتهم.

تحليلات وتتبع البيانات:

توفر برامج إدارة الفعاليات وأدوات التحليل مثل Google Analytics وEventbrite Insights وHubSpot بيانات قيمة حول التسجيل، وحركة المرور على الموقع، وحضور الجلسات، ومقاييس التفاعل. كما يساعد تحليل هذه النقاط على قياس نجاح الفعالية، وتحسين التخطيط للفعاليات المستقبلية. من خلال استخدام هذه الأدوات، يمكن للمنظمين الحصول على رؤى قيمة، وقياس الأداء، واتخاذ قرارات مستنيرة لتحسين الفعاليات المستقبلية. مما يسهم التوازن بين الملاحظات الكمية والنوعية المستمدة من هذه الأدوات في التحسين المستمر وضمان تجربة إيجابية للمشاركين.

كيفية الاستفادة من التقييم للفعاليات المستقبلية:

لا يكفي فقط إجراء تقييم للمؤتمر بل يجب أن يستخدم هذا التقييم كأساس للتحسين المستمر والابتكار في تنظيم وإدارة الفعاليات التعليمية والتواصلية. لذلك يجب على المنظمين اتباع بعض الخطوات للاستفادة من التقييم للمؤتمرات المستقبلية، مثل:

• تقديم تقارير وتوصيات عن نتائج وأثر الفعالية بشكل موضوعي وواضح باستخدام أساليب وأدوات مختلفة مثل التقارير الكتابية أو الشفهية أو الرسومية أو الإلكترونية.
• مشاركة التقارير والتوصيات مع الجهات المعنية بالحدث سواء كانت داخلية أو خارجية، والحصول على ردود فعل وتقييم منها، والتفاعل معها بشكل بناء وإيجابي.
• تطوير خطط العمل والاستراتجيات للاستفادة من نقاط القوة والتغلب على نقاط الضعف في المؤتمرات المستقبلية بناء على التقارير والتوصيات وردود الفعل والتقييم، وتحديد المسؤوليات والموارد والجداول الزمنية لتنفيذها.

في الختام، بعد ما استعرضنا جميع جوانب التقييم، يأتي الدور الأهم وهو الاستمرار في هذه العملية الحيوية؛ حتى تتمكن من تحقيق تطوير مستدام ومستمر في تحسين الفعاليات، وكذلك تستفيد من التحديات والفرص التي تظهر مع تنظيم كل فعالية من خلال إبداعك وتفانيك في عملية التقييم، لتصبح قادرًا على تحقيق تجارب متميزة ومستدامة للمشاركين، وإذا كنت تريد معرفة المزيد من المعلومات والنقاط الهامة في عالم الفعاليات فتابعنا باستمرار حتى لا يفوتك أي جديد.

اقرأ ايضا: تعرف على المؤتمرات الهجينة وكيفية تنظيمها بنجاح